Twitter

Follow YousefAlnuaimi on Twitter

الاثنين، 21 مارس 2011

دقة .. أم زنقة بزنقة

في زاوية أجلس، في ذاك الكوفي شوب الذي اعتدت زيارته صباح كل سبت، قليلٌ من اسبريسو وغثاءٌ من الأخبار المحلية والدولية التي بدت قديمة بعض الشيء في ثورة الصحافة الإلكترونية، لكن، تبقى الصحف المحلية مميزة بكم هائل من الإعلانات التي لا مصداقية فيها سوى القليل منها، بقيت أطالع في إعلان تلك المفروشات وغرف نوم الزوجية، بدأت التخيلات تسري عن أحلام الزواج والأسرة والبيت، من سأتزوج ؟ وكيف سأختار أثاث الغرفة والمنزل ؟ وهل ينقص من رجولة الزوج الأخذ برأي زوجته ؟ أم أننا أصبحنا في عصر يطالب فيه الزوج زوجته بإعطائه فرصة المشاركة ؟ .. فجأة يقطع حبل أفكاري ذاك النقاش الدائر على طاولة تقع أمام طاولتي مباشرة، حينها بدأت أسترق السمع لا لشيء، إلا لحب معرفةٍ وفضولٍ اشتهرت بهما.

كان الحوار بينهما، كحوار كثيرٍ من شباب اليوم، عن تلك البطولات وتلك المعارك، لا أقصد معارك سيدي بوزيد ولا غزوات ميدان التحرير، بل كان يروي بطولاته الغرامية مع الفتيات، كيف بدأت ؟ ولمَ انتهت ؟! وما بينهما ! ثم تحول ذاك الغازي قائد المعركة إلى داعية ومفتي حاله حال الكثير ممن كنت أستمع إليهم من أصحاب البشوت والغتر الحمراء أو ما يسمى بالشماغ، كان يتحدث عن دراسة أجراها، إذاً فهو باحثٌ أيضاً، فقد أجرى دراسة حول من وقعن في أسره في تلك الغزوات، إذ تبين لباحثنا أن جميع من وقعن في شباك غرامه قد اشتركن في سمة، واجتمعن في صفة، ألا وهي أنهن كلهن بلا استثناء لهنّ آباء وإخوان لا يدعون معركة إلا أتوها ولا غزوة إلا شاركوا بها، فهم كصحابنا إن لم يكونوا أدهى، وكأن باحثنا قد استنتج ذاك مما سمعه من دعاة هذا العصر "كما تدين تدان"، هنا قاطعه صاحبه قائلاً صحيحٌ كلامك أسمعت قصة ذاك التاجر وابنه حين قال له دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا وبدأ يسرد القصة التي لا تخفى على جوجل حفظه الله لنا إن أردتم قرائتها، لكن توخوا الحذر عند كتابتها فهي تكتب دقة وليست زنقة، فقد كثرت زنقات هذا العصر، وصاحبنا أحد هذه الزنقات، نعود لحديثهم، فقد أجابه باحثنا الرشيد قائلاً : نعم سمعتها كثيراً، أما سمعت شعر الشافعي، هنا ذهلت ودهشت! فمن أجالس يا ترى؟ أهو باحث ؟ أم شاعر ؟ أم داعية ؟ أم ماذا؟! أين غرامياته؟! أين عشيقاته؟! لكن لم يسعني الوقت لأكمل دهشتي، فقد بدأ شاعرنا بسرد أبيات الشافعي كما يدّعي قائلاً :
إن الزنا دينٌ فإن أقرضته
كان الوفاء من أهل بيتك فاعلم
وبعد أن أكمل شاعرنا أبيات شعره، طرح صاحبه سؤالاً قد يطرحه الكثيرون : وأنت ألا تخشى مما تفعل ؟ هنا ارتسمت ابتسامة خبيثة أخفت ما لباحثنا وداعيتنا وشاعرنا من هيبة حديثه وأعادت له غرامياته وعاد كما كان، ثم أجاب : إنني وحيد والدي فليس لدي ما أخشى عليه.

ولم يكملا الحديث حيث رأى صاحبنا فتاتين قد جلستا على مقربة منه، وكأن المعركة بدأت تلوح من بعيد، أما أنا فأشحت بوجهي بعيداً وما زالا حديثهما يرن في أذني طارحاً عدة تساؤلات، ما ذنب أخته إن كانت له أخت ؟ أهذا هو قانون الحياة ؟! أهذا هو الإسلام الذي نفخر به؟! أهو نقصٌ في الإسلام معاذ الله؟! أم هو نقص في فهم دعاة ومشايخ العصر؟! أين قول الله تعالى في محكم تنزيله " ‫وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى‬ " أنضرب به عرض الحائط ونأتي بتلك القصص التي لا أصل لها، أما يدري أن تلك الأحاديث التي جاءتنا كحديث "عفوا تعف نسائكم " وحديث "ابن آدم اصنع ما شئت كما تدين تدان" جميعها إما أحاديث موضوعة أو ضعيفة، ألا يعلم صاحبنا أنّ ما يردده على لسان الشافعي لا يثبت عنه.

ليست دعوة للفساد، وليست نشر للرذيلة بين الناس، لكن يا علماء الدين يا مفكري هذا العصر، تيقنوا مما تقولوا وتثبتوا، فليس الأمر كما تظنون، وليس هكذا يُنصح شباب الأمة، فلنفرض أن أخوان أحدهما ملتزم والآخر جاد عن طريق الصواب كصاحبنا في الكوفي شوب، شقيقتهما ما ذنبها ؟ ما ذنب أخيها الملتزم ؟ أيعاقبهما الديان بذنب أخيهما ؟ معاذ الله لا يقبل الله ظلماً على نفسه.

أردت أن أوضح الأمر وأبين للناس ما يلزم تبيينه، لست داعية ولست عالماً لكنّ الله وهبني عقلاً أفكر به وأعمل، فلا أدع لعلماء عصرنا التفكير نيابة عني أو إقرار ما لم يقره عقلي، إلا إن كان من كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم.

هذه رسالتي إليكم فإن قُدّر لكم الجلوس بجانب العلامة جليس الكوفي شوب، واسترقتم السمع أعوذ بالله منها من عادة سيئة، وسمعتم صاحبنا ينصح قائلاً دقة بدقة، فارحلوا بعيداً فإنما هي إحدى زنقاته التي حدثتكم عنها.


المهندس يوسف النعيمي

هناك تعليقان (2):

  1. دار بيني وبين وزميلة لي في عهد الثانوية ونحن في الحافلة حديث مقارب لما كان بين جاريك
    اذكر انها تسألت قائلة استغفر الله لكن ماذنب الاخت او الاهل ! عندها سكت قليلا افكر في تساؤلها فقادني تفكيري انه لن يصيبها شيء الا ولها ذنب فعلا فتعالى الله سبحانه عن الظلم
    لكن هل لديك مصدر اخي يوسف ان تلك الاحاديث ضعيفة ؟

    ردحذف
  2. أختي الكريمة،

    شكراً على المداخلة ..

    أما حول الحديث الشريف فهو بحاجة إلى دليل حتى تثبت صحته وليس العكس ، لكن قمت بتوجيه السؤال إلى السيد جوجل حتى يتسنى لك أخذ فكرة عن الموضوع ، فكانت من بين الإجابات التي تفضل بها علي هي :-

    http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&lang=A&Id=136390&Option=FatwaId

    ردحذف