Twitter

Follow YousefAlnuaimi on Twitter

السبت، 21 سبتمبر 2013

ويوم تغمضين عينيكِ.. تختفي بيروت !

بقلم / يوسف النعيمي




سأرحل عنكِ ..
سأرحل عن ذكرياتك ومذكراتك ..
سأغيب عن واقعك وأهجر أحلامك ..
أحلامك !!
كل أحلامك سأغادرها ..
سوى حلمك الأول عند شلال مياه باردة أسفل المدينة .. كان لقاؤنا..
سأبقى هناك أراودك ..
كأضغاث أحلام لن تتحقق !

ولن أتحقق !


======

على فراشك الأبيض نائمة أمامي، كل شيء هنا مظلم عدا نور شمس توشك أن تُشرق يطل علينا من نافذة الغرفة، ونور خافت لأباجورة على منضدة بجانبها تقرير طبيبك الذي غادر قبيل منتصف الليل، قرأت كل كلمة فيه وأعدت قراءته ثمان مرات، بعدد الأعوام التي قضيناها معاً، وعدد المرات التي غادرنا فيها سوياً إلى بيروت، آخرها في آذار الماضي خلسةً دون علم أحد، وبعدها مُنعنا من بيروت، علمت وقتها أن غياب بيروت مقدمة لغياب أشياء جميلة في حياتنا، لم أظن أنك ستكونين أنت التالية بعد بيروت !

"وتسألين عن بيروتْ..
شوارعُ بيروت، ساحاتُها، مقاهيها، مطاعمُها،
مرفأها.. بواخرها.. كلُّها تصبُّ في عينيْكِ
ويوم تغمضين عينيكِ..
تختفي بيروت" *نزار

ويوم تفتحين عينيك .. أختفي أنا !


( خبر سيء، لقد فقدت ذاكرتها !! )
هذا ما قاله الطبيب وهو يضع تقريراً يشخص مرضك وما أنت فيه، ثم أكمل: لن تتذكر سوى طفولتها ومراهقتها ربما، أتمنى أن تكون جزء من طفولتها .. وإلا فهي بالتأكيد لن تستطيع التعرف عليك !!

---

لحظات استيقاظك تقترب، وتقترب معها أسئلة ذاكرتك، الجديدة بغيابي، القديمة قبل وجودي؛ من أنت ؟ وماذا تفعل هنا جانب سريري ؟ وأين أنا ؟ ومرةً أخرى من أنت ؟

لن أكون قادراً على الإجابة، تُرى هل سأستطيع البقاء هنا حيث أفقد كل شيء، وأخسر كل شيء، اسمي يتردد بين ثنايا شفتيك، مملكتي التي شيدتها في قلبك، أثر جرح على يدي لن تسعفك ذاكرتك لتخبرك أنك أنت الفاعلة حين تحدثنا عن النسيان، وسألتك، هل سيأتي يوم تنسين فيه من أنا ؟ وجرحتني بسكين في يدك دون قصد.
ليتني كنت أثر جرحٍ في ذاكرتك لا يزول، أو على طرف شفتيك فأكون أقرب إلى كل ذرة هواء أو هنا أسفل عينك اليسرى فأصير تحت نظراتك، في واقعك وأقرب إلى أحلامك.


" من السهل علينا تقبل موت من نحب على تقبل فكرة فقدانه واكتشاف أن بإمكانه مواصلة الحياة بكل تفاصيلها دوننا" *أحلام مستغانمي

ستقفين أمام مرآتنا كعادتك كل يوم قبل أن تغادري المنزل لتضعي كريم الوقاية من أشعة الشمس ، وأقف أنا أمام مرآة كوتها نار غيابك فصهرت كل التفاصيل وغابت في ذاكرتك.

سأرحل عنكِ دون رسالة، ولن أترك صورة ذكرى، ستبحثين في أوراقك ودفتر مذكراتك فلن تجديني هناك، مزقت كل الصور التي جمعتنا، عدا أول صورة خلف ذاك الشلال، سترحل معي.

سأغادر الغرفة التي يسكنها الموت ويغادرها معي، أحمله على كتفي ويحملني في كفني، سأرحل عنك إلى اللاوجود، ترافقني الذكريات وتقرير الطبيب.

من قال بأن الحب لا يموت ؟! يُقبل بلا استئذان ويغادر دون موعد، تاركاً جسداً غابت روحه وذاكرة محت كل تفاصيلها.

----


* خاطرة أدبية بمناسبة اليوم العالمي لمرض فقدان الذاكرة ٢١ سبتمبر- يأتي المرض في المرتبة السادسة بين الأمراض المؤدية إلى الموت، ويوجد أكثر من 35 مليون شخص حول العالم مصاب بمرض فقدان الذاكرة.

الأربعاء، 26 يونيو 2013

حين تتحطم الآمال

بقلم / يوسف النعيمي



استيقظت من نومها تمام التاسعة صباحاً، لم تنتبه قبل ذلك ولم تلحظه كعادتها كل يوم وهو يغادر المنزل متجهاً إلى عمله، شدّتها تلك الوردة الحمراء وبجانبها رسالة معطرة برائحة باريسية كُتب عليها: صباح الورد.

غادرت الغرفة بعد حمامٍ بارد كبرودة تفاصيل علاقتها معه، اعتادت أن تبدأ يومها بفنجان قهوة ساخنة تعده بنفسها، عند مرورها في صالة المعيشة إذ بها تتفاجأ به يقف جانب طاولة الطعام وكأنه ينتظر قدومها، نظرة استغراب تجاهه، ونظرة أكثر تعجباً تجاه ما على الطاولة!

قبل استيقاظها بساعة كان يجول في فناء المنزل، قطف وردة ووضعها مع بطاقة ممزوجة بعطرها المفضل جانب رأسها، وأتبعهما بقبلة على جبينها.
 
همس في أذنها: ما تراه عينك هو إفطارنا لهذا اليوم صُنع يدي لك، فأكرميني بتناوله، وامنحيني شرف أول لقمة في فمك.

-----

يوم استثنائي، استبدلت ثوانيه بنبضات قلبها، كأنهما عروسين يومهما الأول، هي تضحك وتبتسم، وما بينهما لحظات أمل مصحوبة بخوف، كان أملاً  بتحسن علاقتها الزوجية، وخوف من أحلام قد تتهاوى في أي لحظة، هاهو زوجها الذي كانت تشكو منه، من إهماله العاطفي لها، ولا مبالاته … كأنها قطعة أثاث في منزل كباقي القطع.

غداء في مطعم على البحر، ثم جولة على شاطئه، تجري، تُسقط الحذاء من رجليها، وتُسقط معه كل آلامها القديمة، يركض خلفها، يلحق بها ويتعمد إسقاطها على رمال الشاطئ لتعود فتحتضن آلامها التي اختلطت بذرات الرمل الأبيض، كان وجهها أبيضاً كبياض تلك الذرات لولا أن انطفئ نور قلبها فأطفأ معه كل نور.

سهرة على أنغام أم كلثوم، في مكان لم يدر ببالها يوماً أنه قد يذكره، كان تحت أول سقف جمعهما لتناول وجبة العشاء بعد عقد قرانهما، رحلت أم كلثوم قبل ولادتها بسنوات، وظلّت سيرة الحب خالدةً، تخاف منه ومن ظلمه.

-----
  
البدايات الجميلة نهاياتها مؤلمة رغم روعتها. نائم بجانبها وهي مغمضة عينيها مبتسمة غارقة في خيالها الذي أصبح واقعها اليوم، تفكر في الغد، حلم جديد، وردة حمراء أخرى، وقبيل الفجر نامت.
في صباح اليوم التالي، أغمضت عين وبالأخرى تشاهده وهو يكتب رسالة، حاولت إخفاء ابتسامتها، اقترب منها ليضعها في نفس المكان، ثم غادر دون قبلة، أو وردة.

شوق يحرك أصابعها نحو الرسالة وقلق وخوف يدفعها، رسالة كُتبت بخط أزرق، تفوح منها رائحة عطر رجالي:

تحاول قراءتها فلا تقدر، تُعيد النظر إلى الكلمات فلا تستطيع، تنير غرفتها فتبقى مظلمة، تقترب من نافذة يمر عبرها نور شمس مشرقة، تفتحها بقوة، تمسك بالرسالة فتكون الريح أسرع، تفلت من يدها، لتسقط على صخرة الآلام وتتحطم حينها كل الآمال.




 

الأحد، 31 مارس 2013

لِمَ دبي؟ لِمَ الإمارات؟

بقلم / يوسف النعيمي




في عيادة جراحة العظام، أنهى الطبيب الفحوصات اللازمة لشقيقي بعد تعرضه لكسر في ساقه، ودار بيننا حديث حول سبب انتقاله من وطنه ( الخليجي ) إلى دبي، فكان رده أن قال: ستقرأ جوابي يوماً ما في كتاب بعنوان ( لِم دبي ؟ ).

لازلت أفكر منذ غادرت العيادة قبل أشهر وحتى كتابة هذه الأحرف، ما عسى أن يكون جوابه؟! ماذا سيكتب؟! حقاً لِم دبي؟ ولِم الإمارات؟ لماذا لم تكن الدوحة أو جدة ؟ لم لم يستقر في المنامة أو الكويت ؟ ماذا عن مسقط ؟ أسئلة تدور في ذهني قد لا أستطيع الإجابة عليها بدقة لكوني لم أعش تجربة أخرى غير الإمارات.


ترددت كثيراً قبل نشر هذا المقال، أخشى أن يُفهم بغير ما قُصد له، قد يظن البعض أنني هنا أحط من قدرهم أو أتعالى عليهم بدولتي، لكن بعد انتشار ظاهرة التعرض والإساءة لدولة الإمارات من قبل بعض أبناء الخليج والذين يمثلون أنفسهم فقط وجب علي أن أرسل لهم رسائل مباشرة عبر هذا الفضاء.


هذا الطبيب واحد من مئات الخليجيين الذين غادروا بلدهم يبكون على حاله، ويخشون من مآله ومصيره، متجهين نحو الإمارات التي احتضنتهم كأحد أبنائها يحبونها وتحبهم، يعملون من أجل رفعتها وتعمل لأجل راحتهم، بلدةٌ طيبة .. ورب غفور.


زرت خلال عامين جميع الدول الخليجية، منها عبر طائرة ومنها براً، كان السفر إليها من الإمارات يمثل لي عبور آلة الزمن إلى الماضي، تُرى ما هي أسباب تفوقنا عليهم وبعضهم يفوقنا مالاً وثروة مادية وبشرية؟ فلا أجد سبباً سوى التوفيق من الله وتسخير القيادة الحكيمة لهذا البلد للعمل على راحة أبنائها ومقيميها.


إن القيادة والشعب في دولة الإمارات لازالوا يطمحون لمزيد من التطور في التعليم والصحة لكي تصبح الإمارات في المرحلة القادمة مقصداً للعلاج والتعليم كما هي اليوم مقصداً لمن يبحث عن الأمن والأمان والراحة والحرية لنفسه وأهله وماله.


====



سأقف يوماً عند بوابة مطار دبي لأسأل كل شخص قادم:
ماذا فقد في بلده؟ وماذا وجد في الإمارات؟
وأجمع أجوبتهم في كتاب بعنوان : لِم دبي ؟ لأنشرها وأرسل النسخة الأولى لطبيب العظام مصحوبة بإهداء واعتذار:
اسمح لي دكتور .. سرقت منك العنوان !

الخميس، 28 فبراير 2013

غداً هو 29 فبراير!


بقلم / يوسف النعيمي


غداً هو 29 فبراير !

ستقف للحظة، تود التأكد من تقويم فبراير لهذا العام، كم مرةً أشرقت شمسه؟ وكم غربت؟ كم هي عدد أيامه ولياليه؟

ما المهم في ذلك ؟

ماذا لو كان هناك 29 فبراير؟ ماذا لو مُنحت يوماً آخر؟ بل أخبرني ماذا لو لم يكن هناك 29 فبراير؟ أخبرني عن تلك اللحظات التي ستخسرها؟ من ستفارق ومن ستلتقي به؟ من سيغادر ومن سيولد؟

-----

لم أكن أعلم كيف تُحسب الأيام، متى تبدأ ومتى تُعلن وفاتها، 365 يوماً في 12 شهر، كيف يتم توزيع الأيام على الأشهر؟ شهر فيه ثلاثون يوما، وآخر يزيد بيوم، شهر يتناقص بأيام وتذبل أزهاره في 28 يوم.

-----

غداً هو 29 فبراير، سأحتفل بمرور عام على لقائنا، الذكرى الأولى، حين التقينا في بهو الفندق، كانت نظراتك توحي بالخوف والغربة، أوراقك مبعثرة على الأرض أجمعها مبتسماً، أعيد ترتيبها، لأسلمها لك يداً بيد، وأسلم معها روحي، سنيني تبعثرت فمن سيعيد ترتيبها؟ ومن سيجمعها؟



-----

عام مضى على النظرة الأولى، لتقف بعدها كل النظرات، وتتوقف عندها كل اللحظات، ويصبح الحديث هو حديث القلب، لازلت أذكر حين أخبرتني برغبتك في إحياء ذكرى لقائنا كل عام في ذات المكان، ثم رحلت.

-----

هنا الغد، هنا أقف مجدداً في المكان نفسه، البهو ذاته، حيث تناثرت أوراقك، أحمل بيدي باقة ورد، وعمري كله في اليد الأخرى، وصدر خاو من قلب رحل معك، كم هي ممتعة لحظات انتظار الحبيب، وكم هي مؤلمة تلك اللحظات حين تطول دون قدومه.

يغادرنا الأمل معلناً قدوم اليأس، وتفنى السعادة لتذر الألم، وتتساقط أوراق فبراير بعدد أيامه، 28 ورقة ليس أكثر.

-----

الأيام لا توزن باسمها ولا تحمل قيمة بتاريخها، بل بأحداثها، لم يكن هذا اليوم يشكل لي أهمية حتى التقيتك فيه.

قصة الفراق تتكرر، أحدهم يبقى في حين يرحل الآخر.

في العام الذي وُلدت أنا فيه رحل 29 فبراير قبيل قدومي بدقائق، وفي كل عام حين تعلن عقارب الساعة دخول الأول من مارس، أنعي رحيله في يوم مولدي.


-----

لها :- في 29 فبراير 2016 سأكون في انتظارك.